منازلهم بمنى يقول: من يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة؟ فلا يجد - صلى الله عليه وسلم - أحدًا ينصره ولا يؤويه، حتى إن الرجل ليرحل من مصر أو من اليمن إلى ذي رحمه، فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك، ويمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله فيشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثنا الله له من يثرب فيأتيه الرجل فيؤمن به ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من دور يثرب إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، فائتمرنا واجتمعنا فقلنا: حتى متى نذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم فواعدنا شعب العقبة، فقال عمه العباس: يا أهل يثرب. فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين، فلما نظر في وجوهنا قال: هؤلاء قوم لا أعرفهم، هؤلاء أحداث. فقلنا: يا رسول الله على ما نبايعك؟ قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن تقولوا في الله لا يأخذكم في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم وتمنعوني ما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، فلكم الجنة. فقمنا نبايعه فأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السبعين فقال: رويدًا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون عليها إذا مستكم، وعلى قتل خياركم ومفارقة العرب كافة فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر ثم الله. قالوا: يا أسعد أمط عنا يدك فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها. قال: فقمنا إليه رجلًا رجلًا فأخذ علينا شريطة العباس وضمن على ذلك الجنة.
قال أبو حاتم مات أسعد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بأيام والمسلمون يبنون المسجد
[درجته: إسنادُهُ صحيحٌ، رواه: أيضًا أحمد (٣ - ٣٣٩)، والبيهقيُّ (٢ - ٤٤٢) من طرق عن: عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير: محمَّد بن مسلم أنه حدثه جابر بن عبد الله، هذا السند: صحيح ابن خثيم ثقة. انظر التقريب (١ - ٤٣٢)، وأبو الزبير تابعي من رجال الشيخين قال في