تؤذنا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتي سكنوا، ثم ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - يا سعد ألم تسمع ما قال (أبو حباب يريد عبد الله بن أبي) قال كذا وكذا؟ قال سعد بن عبادة: يا رسول الله اعف عنه واصفح عنه فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذي. قال الله -عَزَّ وجَلَّ-: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}[آل عمران: ١٨٦]، وقال الله:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}[البقرة: ١٠٩] إلى آخر الآية، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتأول العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول - صلى الله عليه وسلم - بدرًا فقتل الله به صناديد كفار قريش قال بن أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه فبايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الإِسلام فأسلموا.
ورواه مسلم (٣ - ١٤٢٣).
[أول جمعة في المدينة]
١ - قال ابن إسحاق: السيرة النبوية (٢ - ٢٨٢): حدثني محمَّد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أبي أمامة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كنت قائد أبي كعب بن مالك حين ذهب بصره، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال: فمكث حينًا على ذلك لا يسمع الأذان للجمعة إلا صلى عليه واستغفر له، قال فقلت في نفسي: والله إن هذا بي لعجز ألا أسأله: ما له إذا سمع