بمكة يقال لها (عناق) وكانت صديقة له، وإنه كان وعد رجلًا من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق، فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط، فلما انتهت إلى عرفته فقالت مرثد؟ فقلت: مرثد فقالت: مرحبا وأهلا، هلم فبت عندنا الليلة. قال قلت: حرم الله الزنا. قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم. قال فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى كهف أو غار، فدخلت فجاءوا حتى قاموا على رأسي فبالوا فطل بولهم على رأسي وأعماهم الله عني، قال: ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته وكان رجلًا ثقيلا حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه كبله فجعلت أحمله ويعينني حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله أنكح عناقا؟ فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد على شيئًا حتى نزلت:{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا مرثد الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك فلا تنكحها".
قال أبو عيسى هذا حديثٌ حسنٌ غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
[درجته: سنده قوي، رواه أبو داود (٢ - ٢٢٠)، والبيهقيُّ في الكبرى (٧ - ١٥٣)، والنسائيُّ (٦ - ٦٦)، والحاكم (٢ - ١٨٠)، هذا السند: صحيح عبيد الله ثقة (١ - ٥٣٠)، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص سند قوي مشهور].
[قدوم ملاعب الأسنة]
١ - قال كعب بن مالك: قال: جاء ملاعب الأسنة إلى النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهدية فعرض -عليه السلام- فأبى أن يسلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإني لا أقبل هدية مشرك" قال: فابعث إلى أهل نجد من شئت فأنا لهم جار فبعث إليهم بقوم فيهم المنذر بن عمرو وهو الذي كان يقال له المعتق أعتق عند الموت فاستجاش عليهم عامر بن الطفيل بني عامر فأبوا أن يطيعوه وأبوا أن يخفروا ملاعب الأسنة فاستجاش عليهم بني