للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، حلو المنطق فصل لا هذر ولا تزر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربع لا تنساه عين من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرًا وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به إن قال انصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود لا عابس ولا مفند قال أبو معبد هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا، فأصبح صوت بمكة عليًا يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أم معبد

هما نزلاها بالهدى واهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمَّد

فيا لقصي ما زوى الله عنكم به ... من فعال لا تجارى وسؤدد

ليهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت عليه ... صريحًا ضرة الشاة مزبد

فغادرها رهنا لديها لحالب ... يرددها في مصدر ثم مورد

فلما أن سمع حسان بن ثابت بذلك شبب يجيب الهاتف وهو يقول:

لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسري إليهم ويغتدي

ترحل عن قوم فضلت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد

هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد

وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا ... وهل عمايتهم هاد به كل مهتد

وقد نزلت منه على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد

نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مسجد

وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في اليوم أوفي ضحى الغد

ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد

ليهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

<<  <   >  >>