للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أئمة أصحاب الحديث أنهم قالوا: أَمِرُّوها كما جاءت، فحملوها على ظاهرها في أنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين" (١).

وقال قِوَامُ السنة الأصبهاني: "الكلام في صفات الله عز وجل، ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين: إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها" (٢).

وقال ابن قدامة: "وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف -رضي الله عنهم-، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات، لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-" (٣)

ومراد السلف بهذه العبارة (أمروها كما جاءت بلا كيف): إجراء نصوص الصفات على ظاهرها والأخذ بما دلت عليه من الصفات، وليس مرادهم: إمرار ألفاظها دون فهم معانيها.

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "قولهم -رضي الله عنهم-: (أمروها كما جاءت) رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف) رد على الممثلة ... " (٤).

ثم قال مبينًا مراد السلف بهذه العبارة: "إنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه -على ما يليق بالله- لما قالوا: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ولما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلومًا، بل مجهولًا بمنزلة حروف المعجم.

وأيضًا: فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ


(١) المرجع السابق (١/ ٤٣ - ٤٤).
(٢) الحجة في بيان المحجة (١/ ١٨٨)، وبنحوه قال الخطيب البغدادي، كما في السير للذهبي (١٨/ ٢٨٤).
(٣) لمعة الاعتقاد مع شرحها للعثيمين (٣٧).
(٤) مجموع الفتاوى (٥/ ٣٩).

<<  <   >  >>