للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات.

وأيضًا: فإن من ينفي الصفات الخبرية -أو الصفات مطلقًا- لا يحتاج إلى أن يقول: بلا كيف، فمن قال: إن الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف.

وأيضًا: فقولهم: أمروها كما جاءت، يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظًا دالة على معاني، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أُمِرَّتْ كما جاءت، ولا يقال حينئذٍ: بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول" (١).

ومما ينبغي التأكيد عليه هنا: أن عدم فهم معنى الصفة ليس مبررًا ولا مسوغًا لردها، أو تأويلها بما يخالف مراد المتكلم بها.

قال ابن تيمية: "ما أخبر به الرسول عن ربه عز وجل، فإنه يجب الإيمان به، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف، لأنه الصادق المصدوق، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه" (٢).

ثالثًا: عدم تمثيل صفات الله تعالى بصفات خلقه -كما تقدم- فالله تعالى له صفات تليق به، والمخلوق له صفات تليق به، ولا يلزم من الاتفاق في الأسماء الاتفاق في المسميات (٣).

قال أبو يعلى عن أحاديث الصفات: "الواجب حملها على ظاهرها،


(١) المرجع السابق (٥/ ٤١ - ٤٢)، وانظر: درء التعارض (٧/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٢) التدمرية (٦٥).
(٣) انظر: التدمرية (٢٠).

<<  <   >  >>