للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء عن وكيع بن الجراح (١) أنه قال عن أحاديث الصفات: "نسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول: كيف هذا، ولِمَ جاء هذا" (٢).

وقال أبو عبيد (٣) -وقد ذكر بعض أحاديث الصفات-: "هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء، بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا نشك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسر هذا، ولا سمعنا أحدًا يفسره" (٤).

والتأكيد على هذا المعنى -وهو نفي العلم بالكيفية- كثير في كلام السلف.

قال ابن تيمية: "ومثل هذا يوجد كثيرًا في كلام السلف والأئمة، ينفون علم العباد بكيفية صفات الله، وأنه لا يعلم كيف الله إلا الله، فلا يعلم ما هو إلا هو" (٥).


(١) هو الإمام الحافظ محدث العراق، وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي أبو سفيان الرواسي الكوفي، سمع من ابن جريج والأعمش والأوزاعي وغيرهم، وحدَّث عنه الثوري وابن المبارك وابن المديني وابن معين وغيرهم، وكان من بحور العلم وأئمة الحفظ، توفي رحمه الله سنة سبع وتسعين ومائة (١٩٧ هـ). [انظر: تاريخ بغداد (١٣/ ٤٧١)، والسير (٩/ ١٤٠)، وتذكرة الحفاظ (١/ ٣٠٦)، والعبر (١/ ٢٥٣)، وشذرات الذهب (١/ ٣٤٩)].
(٢) أخرجه الدارقطني في الصفات (٧١).
(٣) هو الإمام الحافظ المجتهد القاسم بن سلَّام بن عبد الله البغدادي اللغوي الفقيه، صاحب المصنفات، كان أبوه مملوكًا روميًا لرجل من أهل هَراة، وكان أبو عبيد فاضلًا في دينه وعلمه ولي قضاء الثغور مدة، قيل: إنه أول من صنف في غريب الحديث، توفي رحمه الله بمكة سنة (٢٢٤ هـ)، وله مصنفات عديدة منها: كتاب الأموال، وغريب الحديث، والإيمان. [انظر: وفيات الأعيان (٣/ ٤٨٩)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ٤١٧)، والسير (١٠/ ٤٩٠)، وشذرات الذهب (٢/ ٥٤)].
(٤) أخرجه الدارقطني في الصفات (٦٨ - ٦٩)، وانظر: إبطال التأويلات (١/ ٤٨).
(٥) مجموع الفتاوى (٣/ ٥٨).

<<  <   >  >>