للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحمل، فيولدون أطفالًا، وينشؤون صغارًا إلى أن يكبروا فيتم طول أجسامهم، يقول: إن آدم لم يكن خلقه على هذه الصفة، لكنه أول ما تناولته الخلقة وجد خلقًا تامًا طوله ستون ذراعًا" (١).

واستدل أصحاب هذا التأويل بما يلي:

١ - حديث: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا ... ).

قال القاضي عياض: "قوله هنا: (طوله ستون ذراعًا) يبين الإشكال ويزيح التشابه ويوضح أن الضمير راجع إلى آدم نفسه" (٢).

وقال الحافظ ابن حجر بعد ذكره لهذا الحديث: "وهذه الرواية تؤيد قول من قال: إن الضمير لآدم، والمعنى: أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها لم ينتقل في النشأة أحوالًا، ولا تردد في الأرحام أطوارًا كذريته، بل خلقه الله رجلًا كاملًا سويًا من أول ما نفخ فيه الروح ثم عقب ذلك بقوله: (وطوله ستون ذراعًا) فعاد الضمير أيضًا على آدم" (٣).

٢ - أن حمل الحديث على ظاهره يقتضي التشبيه وهذا ظاهر في استدلال ابن خزيمة رحمه الله بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} كما تقدم.

وكذا قول الخطابي في الضمير: "فلم يصلح أن تصرف إلي الله عز وجل؛ لقيام الدليل على أنه ليس بذي صورة سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} " (٤).

فالحامل لهم على هذا التأويل هو الفرار من التشبيه.

القول الثاني: أن الضمير في قوله: (على صورته) عائد إلى الله تعالى، وأن إضافة الصورة إلى الله تعالى من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، وعلى هذا جمهور أهل السنة، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية -وهو ممن


(١) أعلام الحديث (٣/ ٢٢٢٧).
(٢) إكمال المعلم (٨/ ٣٧٤)، وانظر: التوحيد لابن خزيمة (١/ ٩٣ - ٩٤).
(٣) الفتح (٦/ ٣٦٦).
(٤) تقدم قريبًا في ص (١٢٠).

<<  <   >  >>