للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن راهويه: "صحيح ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي" (١).

وسئل الإمام أحمد فقيل له: يا أبا عبد الله: الحديث الذي رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أن الله خلق آدم على صورته) على صورة آدم؟ فقال: فأين الذي يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن عز وجل)؟ وأي صورةٍ كانت لآدم قبل أن يخلق؟ (٢).

وصرح الإمام أحمد رحمه الله بأن القول: بإعادة الضمير على آدم أو على


(١) رواه الآجري في الشريعة (٣/ ١١٢٧) ح (٦٩٧)، وابن بطة في الإبانة (المختار ٢٦٦) ح (١٩٧)، واللفظ له وابن عبد البر في التمهيد (٧/ ١٩٧)، وانظر: إبطال التأويلات لأبي يعلى (١/ ٨١)، وبيان تلبيس الجهمية، القسم السادس (٢/ ٤٣٢ - ٤٣٣)، وفتح الباري (٥/ ١٨٣).
(٢) انظر: إبطال التأويلات (١/ ٨٨، ٩٠). تنبيه: روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال في معنى حديث: (إن الله خلق آدم على صورته): "صوَّر آدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة، فأما أن يكون الله خلق آدم على صورته فلا، وقد قال الله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ولا نقول: إن الله يشبهه شيء من خلقه، ولا يخفى على الناس أن الله خلق آدم على صورة آدم"، ولكن هذه الرواية باطلة لا تصح عن الإمام أحمد رحمه الله، إذ إن جميع الروايات عنه رحمه الله -في هذا الباب- ترد هذه الرواية وتبطلها، كيف وقد جعل الإمام أحمد رحمه الله هذا التأويل من تأويلات الجهمية كما سيأتي.
وقد نقل هذه الرواية أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات (١/ ٨٩ - ٩٠) ثم قال: "قال أبو طالب المكي: هذا توهم عن أحمد، إنما هذا قول أبي ثور، فذُكر ذلك لأحمد فأنكر عليه وقال: ويله وأي صورة كانت لآدم حتى خلقه عليها؟ يقول: إن الله خلق على مثال! ويله فكيف يصنع بالحديث الآخر: (أن الله خلق آدم على صورة الرحمن).
فهذا هو المحفوظ من قول أحمد، وإنما التبس القولان فنسب ذلك إلى أحمد، لأن أبا ثور كان سئل عن قوله: (خلق آدم على صورته) فقال: الهاء عائدة على آدم".
وذكر هذه الرواية الذهبي في الميزان (٢/ ٣٧٤)، ووصف الراوي لها بأنه قد أتى بشيء منكر.

<<  <   >  >>