للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيمانه وتوخيه لاتباع الحق -أهدرناه وبدعناه، لقلَّ من يسلم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنه وكرمه" (١).

ثم إن هذا الحديث ليس في حمله على ظاهره ما يقتضي التشبيه، بل نحن نثبته ونجريه على ظاهره مع نفي التشبيه.

قال قوام السنة إسماعيل التيمي: "فصل في الرد على الجهمية الذين أنكروا صفات الله عز وجل، وسموا أهل السنة مشبهة، وليس قول أهل السنة: إن لله وجهًا ويدين وسائر ما أخبر الله تعالى به عن نفسه موجبًا تشبيهه بخلقه، وليس روايتهم حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خلق الله آدم على صورته) بموجبه (٢) نسبة التشبيه إليهم، بل كل ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبر به رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو حق، قول الله حق، وقول رسوله حق، والله أعلم بما يقول، ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أعلم بما قال، وإنما علينا الإيمان والتسليم، وحسبنا الله ونعم الوكيل" (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن قيل: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا ... )، هذا الحديث إذا حمل على صورة الله تعالى كان ظاهره: أن الله طوله ستون ذراعًا، والله تعالى -كما قال ابن خزيمة- جل أن يوصف بالذرعان والأشبار ...

قيل: ليس هذا ظاهر الحديث، ومن زعم أن هذا ظاهره، أو حمله عليه فهو مفتر كذاب ملحد، فإن فساد هذا معلوم بالضرورة من العقل والدين كما تقدم، ومعلوم أيضًا عدم ظهوره من الحديث، فإن الضمير في قوله: (طوله) عائد إلى آدم الذي قيل فيه: (خلق آدم على صورته)، ثم قال: (طول آدم ستون ذراعًا، فلما خلقه قال له: اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة).


(١) سير أعلام النبلاء (١٤/ ٣٧٤ - ٣٧٦).
(٢) هكذا جاءت في الكتاب ولعل الصواب (بموجبة)، والله أعلم.
(٣) الحجة في بيان المحجة (١/ ٣١٠).

<<  <   >  >>