للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به تشبيه الرب وتمثيله بالمخلوق، وإنما أراد به تحقيق الوجه، وإثبات السمع والبصر والكلام، صفة ومحلًا والله أعلم" (١).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "والمعنى والله أعلم: أنه خلق آدم على صورته ذا وجه وسمع وبصر، يسمع ويتكلم ويبصر ويفعل ما يشاء، ولا يلزم أن يكون الوجه كالوجه، والسمع كالسمع، والبصر كالبصر ... وهكذا لا يلزم أن تكون الصورة كالصورة" (٢).

ومما ينبغي التأكيد عليه والتنبيه إليه -هنا- أن كون الشيء على صورة الشيء: لا يلزم منه المماثلة بينهما من كل وجه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "من المعلوم أن الشيئين المخلوقين قد يكون أحدهما على صورة الآخر مع التفاوت العظيم في جنس ذواتهما وقدر ذواتهما، وقد تظهر السموات والقمر في صورة ماء أو مرآة في غاية الصغر، ويقال: هذه صورتها، مع العلم بأن حقيقة السموات والأرض أعظم من ذلك بما لا نسبة لأحدهما إلى الآخر" (٣).

وقال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله: "الذي قال: (إن الله خلق آدم على صورته) رسول الذي قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، والرسول لا يمكن أن ينطق بما يكذب المرسِل.

والذي قال: (خلق آدم على صورته) هو الذي قال: (إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر) متفق عليه (٤). فهل أنت تعتقد أن هؤلاء الذين يدخلون الجنة على صورة القمر من كل وجه؟ !

فإن قلت بالأول: فمقتضاه أنهم دخلوا وليس لهم أعين وليس لهم آناف وليس لهم أفواه، وإن شئنا قلنا: دخلوا وهم أحجار!


(١) مختصر الصواعق (٢/ ٥١٥).
(٢) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة له، جمع د/ محمد الشويعر (٦/ ٣٥٣ - ٣٥٤).
(٣) بيان تلبيس الجهمية، القسم السادس (٢/ ٥٣٧ - ٥٣٨).
(٤) من حديث أبي هريرة: البخاري (٣/ ١١٨٧) ح (٣٠٨١)، ومسلم (١٧/ ١٧٨) ح (٢٨٣٤).

<<  <   >  >>