للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن قلت بالثاني: زال الإشكال وتبين أنه لا يلزم من كون الشيء على صورة الشيء أن يكون مماثلًا له من كل وجه" (١).

وأما الجواب المفصل، فهو في الرد على كل تأويل على حِدَةٍ كما يلي:

أما التأويل الأول: وهو القول بإعادة الضمير على المضروب، والاستدلال له:

١ - بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علل النهي عن ضرب الوجه بقوله: (فإن الله خلق آدم على صورته).

٢ - وكذا استدلالهم بحديث: " (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله عزَّ وجلَّ خلق آدم على صورته).

فهو باطل من عدة وجوه:

أحدها: أن في الصحيحين ابتداءً: (خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا)، وفي أحاديث أخر: (إن الله خلق آدم على صورته)، ولم يتقدم ذكر أحد يعود الضمير إليه (٢)، وما ذكر بعضهم (٣) من أن النبي -صلى الله عليه وسلم-


(١) شرح العقيدة الواسطية (١/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٢) وهذا ظاهر في هذه الأحاديث، وأما ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في بيان تلبيس الجهمية، القسم السادس (٢/ ٤٤٢ - ٤٤٣) - من أن حديث: (إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته)، وحديث: (لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجهًا أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته): ليس فيها ذكر أحد يصلح عود الضمير إليه، لأنه لم يتقدم فيها ذكر مضروب، فإنه يشكل عليه، أن الحديث الأول جاء بلفظ -كما عند مسلم-: (إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه ... ) فقوله: (أخاه) يصلح عود الضمير إليه.
وكذلك الحديث الثاني جاء بلفظ -كما عند ابن خزيمة في التوحيد (١/ ٨٢) -: (لا يقولن أحدكم لأحد: قبح الله وجهك ... ) فقوله: (لأحد) يصلح عود الضمير إليه.
وقد بنى شيخ الإسلام رحمه الله على قوله هذا ثلاثة أوجه في الرد على هذا التأويل، أعرضت عنها لهذا السبب، وفي بقية الأوجه ما يكفي ويشفي، والله أعلم.
(٣) كابن فورك في مشكل الحديث (٤٦).

<<  <   >  >>