للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله تعالى-: "السلف أخذوا بهذا الحديث، ولم يصرفوه عن ظاهره بتحريف يتخبطون فيه بأهوائهم، وإنما فسروه بما فسره به المتكلم به، فقوله تعالى: (مرضت، واستطعمتك، واستسقيتك) بينه الله تعالى بنفسه، حيث قال: (أما علمت أن عبدي فلانًا مرض، وأنه استطعمك عبدي فلان، واستسقاك عبدي فلان؟ ) وهو صريح في أن المراد به، مرض عبد من عباد الله، واستطعام عبد من عباد الله، واستسقاء عبد من عباد الله، والذي فسره بذلك هو المتكلم به، وهو أعلم بمراده، فإذا فسرنا المرض المضاف إلى الله والاستطعام المضاف إليه، والاستسقاء المضاف إليه، بمرض العبد واستطعامه واستسقاءه، لم يكن في ذلك صرف للكلام عن ظاهره، لأن ذلك تفسير المتكلم به، فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداءً" (١).

وقد أضاف الله تعالى مرض عبده واستطعامه واستسقائه إلى نفسه، للترغيب والحث، كقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥] (٢).

وذهب ابن تيمية -ومثله أبو يعلى كما تقدم- إلى أن هذه الإضافة إنما هي لكون العبد المذكور في الحديث، يراد به الولي الذي تتفق إرادته مع ما يريده الله تعالى، فلا يريد إلا ما يريده الله، ولا يحب إلا ما يحبه الله، ولا يبغض إلا ما يبغضه الله، ولا يأمر إلا بما يأمر به الله، ولا ينهى إلا عما ينهى عنه الله.

فهذا الجنس من الناس هم الذين يرضى الحق لرضاهم ويغضب لغضبهم، والكامل المطلق في هؤلاء محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، ولهذا قال تعالى فيه: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: ١٠]،


(١) القواعد المثلى (٧٦).
(٢) انظر: القواعد المثلى (٧٦).

<<  <   >  >>