للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه} [التوبة: ٦٢]، وقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] (١).

وأما استدلال أهل الحلول والاتحاد بهذا الحديث على مذهبهم الفاسد، فلا شك أنه استدلال باطل، لا يقره شرع ولا عقل، بل إن هذا الحديث قد تضمن الرد عليهم، لأن الله تعالى يقول: (أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ )، ويقول: (أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ ) (٢).

فلو كان الله تعالى عين المريض والجائع لقال في الأولى: لوجدتني إياه، ولقال في الثانية: لوجدتني أكلته (٣).

كما أن الحديث قد فرق وميَّز بين العابد والمعبود، والرب والمربوب، وهذا نقض صريح لعقيدة الحلول والاتحاد (٤).

وقد اتفقت كلمة المسلمين قاطبةً -فضلًا عن علمائهم- على بطلان عقيدة الحلول والاتحاد، وأنها كفر صريح، يجب تنزيه الله تعالى عنها، فالرب رب، والعبد عبد، وليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٣٩٢، ٤٦٢)، و (٦/ ٢٨)، و (١١/ ٧٦)، والجواب الصحيح (٣/ ٣٩٣).
(٢) قال ابن القيم في مدارج السالكين (٣/ ٤٢٩): "تأمل قوله في الإطعام والإسقاء: (لوجدت ذلك عندي)، وقوله في العيادة: (لوجدتني عنده)، ولم يقل لوجدت ذلك عندي، إيذانًا بقربه من المريض، وأنه عنده لذله وخضوعه وانكسار قلبه، وافتقاره إلى ربه، فأوجب ذلك وجود الله عنده، هذا وهو فوق سمواته مستو على عرشه، بائن من خلقه، وهو عند عبده" [وانظر: مدارج السالكين (١/ ٣٢٤)، وشفاء العليل (٢/ ٢٢١)، ومجموع الفتاوى (٢/ ٣٩٢)، وبيان تلبيس الجهمية، القسم السادس (١/ ٢٨٥ - ٢٩٩)].
(٣) انظر: الاستغاثة في الرد على البكري (١/ ٢١٤)، والجواب الصحيح (٣/ ٣٣٤)، ومجموع الفتاوى (٢/ ٤٦٢، ٣٩٢).
(٤) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٣٩١)، و (١١/ ٧٦).

<<  <   >  >>