للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاصة أن الحديث صحيح بشواهده إن شاء الله تعالى.

قال الألباني رحمهُ اللهُ: "حديث عائشة وحديث أنس بطريقيه ... إذا ضُمَّا إلى إسناد حديث أبي هريرة، اعتضد الحديث بمجموعها، وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء الله تعالى" (١).

إذا تبين هذا وأن الحديث بمجموع طرقه صالح للاحتجاج به، فهل التردد المضاف إلى الله تعالى فيه يكون صفة من صفاته أم ماذا؟

سلك أهل العلم في هذا مسلكين:

المسلك الأول: إجراء الحديث على ظاهره، والأخذ بمدلوله في إثبات التردد صفة لله تعالى، على ما يليق بجلاله وعظمته، مع القطع بكون تردده سبحانه ليس كتردد المخلوق، لأنه جلَّ وعلا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، فليس مثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.

وقد نص على هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) والشيخ عبد العزيز بن باز، عليهما رحمة الله.

قال الشيخ ابن باز: "التردد وصف يليق بالله تعالى لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه، وليس كترددنا، والتردد المنسوب لله لا يشابه تردد المخلوقين، بل هو تردد يليق به سبحانه، كسائر صفاته جل وعلا" (٣).

المسلك الثاني: تأويل الحديث وصرفه عن ظاهره، وذلك بنفي صفة التردد عن الله تعالى، وإلى هذا ذهب الشوكاني رحمهُ اللهُ، وهو مسلك عامة


= العلوم والحكم (٢/ ٣٣٢)، وابن حجر في الفتح (١١/ ٣٤٢)، وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٧٠): "رواه الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم"، وانظر: السلسلة الصحيحة (٤/ ١٨٨).
(١) السلسلة الصحيحة (٤/ ١٩٠).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٨/ ١٢٩ - ١٣١)، و (١٠/ ٥٨).
(٣) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (٩/ ٤١٧).

<<  <   >  >>