للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل التأويل من شراح الحديث وغيرهم (١).

قالوا: لأن التردد يكون ممن لا يعلم عواقب الأمور، وهذا محال على الله تعالى (٢).

وقد ذكروا عدة تأويلات حملوا الحديث عليها، منها:

١، ٢ - ما ذهب إليه الخطابي وغيره حيث قال: "التردد في صفة الله عزَّ وجلَّ غير جائز، والبداء عليه في الأمور غير سائغ، وتأويله على وجهين:

أحدهما: أن العبد قد يشرف في أيام عمره على المهالك مرات ذوات عدد من داء يصيبه وآفة تنزل به، فيدعو الله فيشفيه منها، ويدفع مكروهها عنه، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمرًا ثم يبدو له في ذلك وبتركه ويعرض عنه، ولا بد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله، فإنه قد كتب الفناء على خلقه، واستأثر بالبقاء لنفسه ...

والثاني: أن يكون معناه: ما ردَّدت رسلي في شيء أنا فاعله، ترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روي من قصة موسى وملك الموت صلوات الله عليهما، وما كان من لطمه عينه، وتردده إليه مرة بعد أُخرى (٣)، وحقيقة المعنى في الوجهين معًا: عطف الله على العبد، ولطفه به، وشفقته عليه" (٤).

٣ - وذهب بعضهم كابن الجوزي إلى احتمال أن يكون المعنى: أن


(١) انظر: كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي (٣/ ٥٢٧)، وفتح الباري (١١/ ٣٤٥ - ٣٤٦).
(٢) انظر: كشف المشكل لابن الجوزي (٣/ ٥٢٥)، ومجموع الفتاوى (١٨/ ١٢٩).
(٣) الحديث متفق عليه: البخاري (١/ ٤٤٩) ح (١٢٧٤)، ومسلم (١٥/ ١٣٦) ح (٢٣٧٢)، وسيأتي الكلام عليه في الباب الثاني، إن شاء الله تعالى.
(٤) أعلام الحديث (٣/ ٢٢٥٩ - ٢٢٦٠) بتصرف يسير، وانظر: الأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٤٤٨)، وشرح السنة للبغوي (٥/ ٢٠).

<<  <   >  >>