للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه أظله الله في ظله) (١).

٢ - أن هذا المعنى، وهو التعبير عن ظل العرش، بظل الله تعالى قد جاء مصرحًا به في سياق واحد، مما يجعله لا يقبل أي احتمال غيره، فعن العِرْبَاض بن سارية قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله عزَّ وجلَّ: المتحابون بجلالي، في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي) (٢).

٣ - أن حمل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (سبعة يظلهم الله في ظله ... ) على ظل الله تعالى نفسه، ينافي الأحاديث الكثيرة التي جاءت بإثبات الظل للعرش، لأن الله تعالى نفى وجود ظل غير ظله في ذلك اليوم، علمًا أنني لم أجد -بعد بحثي المتواضع- من أثبت الظل صفة لله تعالى، بل ظاهر صنيع السلف عليهم رحمة الله، حمل الظل المضاف إلى الله تعالى، على ظل العرش، لمجيئه مفسرًا بذلك، والله أعلم.

وأما القول الثاني وهو: تأويل الظل بمعنى الرحمة، فهو إخراج للفظ عن ظاهره وحقيقته من غير قرينة توجب ذلك.

وتفسير بعضهم، الرحمة بدخول الجنة والاستظلال بظلها، لا يستقيم مع هذا الحديث، لأن دخول الجنة والاستظلال بظلها لا يختص بهؤلاء السبعة، وبالتالي فلن يكون لهم مزية على غيرهم، والحديث يدل على امتيازهم على غيرهم بهذا الاستظلال.

وأيضًا فإن تفسير الظل بالرحمة ترده الرواية الأخرى للحديث، وهي: (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه)؛ لأن المعنى سيكون: في رحمة عرشه؟ ! وهذا لا يقول به أحد.


(١) صحيح مسلم (١٨/ ٣٤٣) ح (٣٠٠٦)، والمسند (٢٤/ ٢٧٩) ح (١٥٥٢١).
(٢) أخرجه أحمد (٢٨/ ٣٨٩) ح (١٧١٥٨)، والطبراني في الكبير (١٨/ ٢٥٨) ح (٦٤٤)، وأورده المنذري في الترغيب والترهيب (٣/ ٦٢٩) ح (٤٤٤٥)، وقال: "رواه أحمد بإسناد جيد"، والذهبي في العلو (٨٤)، وقال: "إسناده حسن"، والهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٧٩)، وقال: "رواه أحمد والطبراني، وإسنادهما جيد".

<<  <   >  >>