للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متى سببتم فاعلها كان مرجع السب إلى الله سبحانه وتعالى" (١).

القول الثاني: قول من يروي حديث: (وأنا الدهر) بنصب الدهر على الظرفية، فيكون المعنى: أنا الدهرَ كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وإلى هذا ذهب أبو بكر بن داود الظاهري (٢) وغيره.

قال الخطابي: "كان أبو بكر يرويه (وأنا الدهرَ) مفتوحة الراء، منصوبًا على الظرف، أي: أنا طول الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار، وكان يقول: لو كان مضمومًا لانقلب الدهر اسمًا من أسماء الله جلَّ وعز وعلا" (٣).

وقال ابن عبد البر: "فمن أهل العلم من يروي هذا الخبر بنصب الدهر على الظرف، يقول: أنا الدهر كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار" (٤).

القول الثالث: أن الدهر من أسماء الله تعالى، ومعناه: القديم الأزلي، وإلى هذا ذهب نعيم بن حماد، وطائفة من أهل الحديث والصوفية (٥)، وهو قول ابن حزم رحمه الله تعالى (٦).

وعمدتهم هذا الحديث.


(١) الحجه في بيان المحجة (١٧٨ - ١٧٩).
(٢) هو محمد بن داود بن علي أبو بكر الظاهري، أحد من يضرب به المثل بذكائه، وكان له بصر تام بالحديث، وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا يقلد أحدًا، وقد تصدر للفتيا بعد والده، له كتاب الزهرة، في الأدب والشعر، توفي سنة سبع وتسعين ومائتين (٢٩٧). [انظر: وفيات الأعيان (٤/ ٩٠)، والسير (١٣/ ١٠٩)، وشذرات الذهب (٢/ ٢٢٦)].
(٣) شأن الدعاء (١٠٨)، وانظر: معالم السنن (٤/ ١٤٧).
(٤) التمهيد (١٨/ ١٥٤)، وانظر: إكمال المعلم (٧/ ١٨٣)، والمفهم (٥/ ٥٤٨)، وشرح النووي على مسلم (١٥/ ٦)، وفتح الباري (٨/ ٥٧٥).
(٥) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٤٩٤)، وبيان تلبيس الجهمية، القسم الخامس، تحقيق د/ سليمان الغفيص (١/ ٢٨٥).
(٦) انظر: المحلى (٦/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>