للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبين أنه ليس المراد به أنه الزمان، فإنه قد أخبر أنه يقلب الليل والنهار، والزمان هو الليل والنهار، فدل نفس الحديث على أنه هو يقلب الزمان ويصرفه" (١).

وقال ابن عثيمين: "فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بيَّن أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلِّب (بكسر اللام) هو المقلَّب (بفتحها)، وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادًا به الله تعالى" (٢).

٢ - أن الأصل في أسماء الله تعالى أن تكون حسنى، أي بالغةً في الحسن غايته، فلا بد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني، والدهر اسم جامد، لا يتضمن معنى يُلحقه بالأسماء الحسنى، ولا يحمل المعنى الذي يوصف بأنه أحسن، وحينئذٍ فليس من أسماء الله تعالى، وإنما هو اسم للوقت والزمن (٣).

٣ - أن الله تعالى قد أخبر عن المشركين، وما كانوا عليه من نسبة أفعاله وأقداره إلى الدهر، فقال: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٢٤)} [الجاثية: ٢٤].

قال ابن جرير الطبري: "ذُكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن أهل الشرك كانوا يقولون: الذي يهلكنا ويفنينا الدهر والزمان، ثم يسبون ما يفنيهم ويهلكهم، وهم يرون أنهم يسبون بذلك الدهر والزمان، فقال الله عزَّ وجلَّ: أنا الذي أفنيكم وأهلككم، لا الدهر والزمان، ولا علم لكم بذلك" (٤).

ثم أورد بسنده حديث أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كان أهل


(١) مجموع الفتاوى (٢/ ٤٩١).
(٢) القواعد المثلى (١٠).
(٣) انظر: القواعد المثلى (٩)، والقول المفيد (٢/ ٣٥٨) كلاهما للشيخ محمد العثيمين رحمه الله تعالى.
(٤) جامع البيان (١١/ ٢٦٣)، وانظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٢٣٠).

<<  <   >  >>