للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقول سابق البربري (١):

المرء يجمع والزمان يفرق ... ويظل يرقع والخطوب تمزق (٢)

وقول أبي العتاهية (٣):

دهر يؤمننا الخطوب وقد نرى ... في كل ناحية لهن شباكا

يا دهر قد أعظمت عبرتنا بمن ... دارت عليه من القرون رحاكا (٤)

وقوله أيضًا:

لكم فجع الدهر من والد ... وكم أثكل الدهر من والِدَة

وكم ترك الدهر من سيد ... ينوء على قدم واحدة (٥)

قال ابن عبد البر: "وجرى ذلك على الألسنة في الإسلام، وهم لا يريدون ذلك، ألا ترى أن المسلمين الخيار الفضلاء قد استعملوا ذلك في أشعارهم، على دينهم وإيمانهم، جريًا في ذلك على عادتهم، وعلمًا


(١) هو سابق بن عبد الله البربري، شاعر زاهد، له كلام في الحكمة والرقائق، وهو من موالي بني أمية، والبربري لقب له ولم يكن من البربر، وكان يفد على عمر بن عبد العزيز فيستنشده عمر فينشده من مواعظه، توفي سنة مائة (١٠٠). [انظر: تهذيب تاريخ دمشق (٦/ ٤٠)، وتاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين (٢/ ٣/ ٤١/ ٤٢)، والأعلام (٣/ ٦٩)].
(٢) انظر: التمهيد لابن عبد البر (١٨/ ١٥٨)، وفي تاريخ بغداد (٩/ ٣٠٥)، ووفيات الأعيان (٢/ ٤٠٥) أنه لصالح بن عبد القدوس في مطلع قصيدة له.
(٣) هو أبو إسحاق إسماعيل بن قاسم بن سويد بن كيسان العنزي مولاهم الكوفي، الشاعر المشهور، كان يقول في الغزل والمديح والهجاء، ثم تنسك وعدل عن ذلك إلى الشعر في الزهد والحكمة والوعظ، فأحسن وأجاد، وسار شعره واشتهر وانتشر لجودته وحسنه وعدم تقعُّره، توفي ببغداد سنة (٢١١)، وقيل غير ذلك. [انظر: تاريخ بغداد (٦/ ٢٤٩)، ووفيات الأعيان (١/ ٢٢٢)، والسير (١٠/ ١٩٥)، والعبر (١/ ٢٨٢)].
(٤) ديوان أبي العتاهية (٣٠٦).
(٥) المرجع السابق (١٥١).

<<  <   >  >>