للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذان أصلان عظيمان:

أحدهما: متعلق بالله تعالى، وهو "الإيمان بأنه على كل شيء قدير.

والثاني: متعلق باليوم الآخر، وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت، ويجزيه على أعماله، ومع هذا فلما كان مؤمنًا بالله في الجملة، ومؤمنًا باليوم الآخر في الجملة، وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت، وقد عمل عملًا صالحًا -وهو خوفه من الله أن يعاقبه على ذنوبه- غفر الله له بما كان منه من الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح" (١).

وقال ابن الوزير: "وأما جهله بقدرة الله على ما ظنه محالًا فلا يكون كفرًا، إلا لو علم أن الأنبياء جاءوا بذلك، وأنه ممكن مقدور، ثم كذبهم أو أحدًا منهم" (٢).

وقال الدهلوي: "هذا الرجل استيقن بأن الله متصف بالقدرة التامة، لكن القدرة إنما هي في الممكنات، لا في الممتنعات، وكان يظن أن جمع الرماد المتفرق، نصفه في البر ونصفه في البحر ممتنع، فلم يجعل ذلك نقصًا، فأخذ بقدر ما عنده من العلم، ولم يعد كافرًا" (٣).

ومما يدل على هذا القول:

١ - ظاهر الحديث، فنصه وسياقه ومقصوده ودلالة ألفاظه، كلها تشهد لهذا المعنى، وهذا بيِّنٌ ظاهر.

٢ - أن الحديث جاء في بعض طرقه -كما عند الإمام أحمد وغيره- أن هذا الرجل قال لبنيه: (ثم اذروني في البحر في يوم ريح لعلي أُضل الله) (٤)، فقوله: (لعلي أُضل الله) يؤكد جهالة هذا الرجل، ومعنى هذه


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٩١).
(٢) إيثار الحق (٣٩٤).
(٣) حجة الله البالغة (١/ ١١٧).
(٤) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣٣/ ٢١٦) ح (٣٠٠١٢)، و (٣٣/ ٢٢٧) ح (٢٠٠٢٤) من طريقين عن حماد بن سلمة عن أبي قزعة الباهلي عن حكيم بن =

<<  <   >  >>