للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسنة رسوله، وهذا مجمع عليه بين العلماء في الجملة" (١).

وأما الأصل الثاني: فهو التفريق بين التكفير المطلق والتكفير المعين، فالشك في قدرة الله تعالى أو المعاد كفر لا ريب فيه، لكن لا يوجه إلى شخص معين حتى تقام عليه الحجة، فتتوفر فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع، فهذا الرجل مع شكه في القدرة والمعاد لم يحكم بكفره، لوجود ما يمنع من ذلك، وهو الجهل.

قال ابن تيمية: "التكفير المطلق مثل الوعيد المطلق، لا يستلزم تكفير الشخص المعيَّن حتى تقوم عليه الحجة التي تُكفِّر تاركها" (٢).

وقال أيضًا: "التكفير حق لله، فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله، وأيضًا: فإن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها، وإلا فليس كل من جهل شيئًا من الدين يُكفر" (٣)، ثم استشهد -رحمه الله- بحديث الرجل الذي أوصى بتحريقه.

وقال أيضًا: "ليس لأحد أن يُكَفِّر أحدًا من المسلمين، وإن أخطأ وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتُبَيَّن له المحجة، ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة" (٤).

وقال الشيخ ابن عثيمين: "الواجب قبل الحكم بالتكفير أن ينظر في أمرين:

١ - دلالة الكتاب والسنة على أن هذا مكفر لئلا يفتري على الله الكذب.

٢ - انطباق الحكم على الشخص المعين، بحيث تتم شروط التكفير في حقه وتنتفي عنه الموانع" (٥).


(١) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (١/ ٢٤٨).
(٢) الاستقامة (١/ ١٦٤).
(٣) الاستغاثة في الرد على البكري (١/ ٣٨١).
(٤) مجموع الفتاوى (١٢/ ٥٠١)، وانظر: (٣/ ٢٢٩)، و (١٢/ ٤٨٧ - ٤٨٨)، و (٣٥/ ١٦٥)، وبغية المرتاد (٣١١)، والمستدرك على مجموع الفتاوى (١/ ١٣٩).
(٥) مجموع فتاوى ابن عثيمين (٢/ ١٣٤).

<<  <   >  >>