للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاهلون به، وغير جائز عند أحد من المسلمين أن يكونوا بسؤالهم عن ذلك كافرين، أو يكونوا في حين سؤالهم عنه غير مؤمنين" (١).

وقال ابن تيمية: "وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة التي يندرس فيها كثير من علوم النبوات، حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يعلم كثيرًا مما يبعث الله به رسوله، ولا يكون هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر، ولهذا اتفق الأئمة على أن من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان، وكان حديث العهد بالإسلام، فأنكر شيئًا من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة، فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول ... وقد دل على هذا الأصل ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قال ... " (٢)، فذكر حديث الرجل الذي أوصى أولاده بإحراقه.

وقال أيضًا: "الصواب أن الجهل ببعض أسماء الله وصفاته لا يكون صاحبه كافرًا، إذا كان مقرًا بما جاء به الرسول -صلي الله عليه وسلم-، ولم يبلغه ما يوجب العلم بما جهله على وجه يقتضي كفره إذا لم يعلمه، كحديث الذي أمر أهله بتحريقه ثم تذريته" (٣).

وقال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: "إذا فعل الإنسان الذي يؤمن بالله ورسوله ما يكون فعله كفرًا أو قوله كفرًا أو اعتقاده كفرًا، جهلًا منه بما بعث الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا لا يكون عندنا كافرًا، ولا نحكم عليه بالكفر حتى تقوم الحجة الرسالية التي يكفر من خالفها، فإذا قامت عليه الحجة، وبين له ما جاء به الرسول -صلي الله عليه وسلم-، وأصر على فعل ذلك بعد قيام الحجة، فهذا هو الذي يكفر، وذلك لأن الكفر إنما يكون بمخالفة كتاب الله


(١) التمهيد (١٨/ ٤٦).
(٢) مجموع الفتاوى (١١/ ٤٠٧ - ٤٠٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٣٨)، وانظر: (٣/ ٢٣١)، و (١٢/ ٤٩٣)، و (٣٥/ ١٦٥ - ١٦٦)، وبغية المرتاد (٣١١)، وإيثار الحق لابن الوزير (٣٩٣)، وما بعدها.

<<  <   >  >>