للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إثبات القدر، ودفع قول القدرية، وبالله التوفيق والعصمة" (١).

وتكذيب القدرية لهذا الحديث مردود، لأنه ثابت في الصحيحين وغيرهما من عدة طرق.

قال ابن منده بعدما ساق عددًا من طرق هذا الحديث: "هذه أحاديث صحاح ثابتة لا مدفع لها، ولهذا الحديث طرق عن أبي هريرة" (٢).

وقال ابن عبد البر: "هذا حديث صحيح ثابت من جهة الإسناد، لا يختلفون في ثبوته، رواه عن أبي هريرة جماعة من التابعين، وروي من وجوه عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، من رواية الثقات الأئمة الأثبات" (٣).

وقال ابن القيم: "هذا حديث صحيح متفق على صحته، لم تزل الأمة تتلقاه بالقبول من عهد نبيها قرنًا بعد قرن، وتقابله بالتصديق والتسليم، ورواه أهل الحديث في كتبهم وشهدوا به على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أنه قاله، وحكموا بصحته" (٤).

وقال ابن حجر عن هذا الحديث: "وقع لنا من طريق عشرة عن أبي هريرة" (٥).

وأما الرأي الثاني: وهو ما ذهبت إليه الجبرية من تسويغ الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي، والاعتماد في ذلك على هذا الحديث، فهو باطل من عدة وجوه:

١ - أن الإجماع منعقد على بطلان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي.

قال ابن تيمية: "الاحتجاج بالقدر حجة باطلة داحضة باتفاق كل ذي


(١) التمهيد (١٨/ ١٧).
(٢) الرد على الجهمية (٧١ - ٧٢).
(٣) التمهيد (١٨/ ١٢).
(٤) شفاء العليل (١/ ٤٦).
(٥) فتح الباري (١١/ ٥٠٦)، وانظر: البداية والنهاية لابن كثير (١/ ٧٧).

<<  <   >  >>