للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقل ودين من جميع العالمين" (١).

٢ - أن الأمة قد أجمعت على جواز لوم العاصي ما لم يتب. قال ابن عبد البر: "وقد اجتمعت الأمة: أن من أتى ما يستحق الذم عليه فلا بأس بذمه، ولا حرج في لومه، ومن أتى ما يحمد له فلا بأس بمدحه عليه" (٢).

٣ - أن الله تعالى قال: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}، فأبطل الله حجتهم هذه بقوله: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: ١٤٨]، وهكذا في آيات أُخر لم يحكِ الله تعالى الاحتجاج في القدر إلا عن المشركين أعداء الرسل، وشيخهم في ذلك وإمامهم عدوه الأحقر إبليس، حيث احتج عليه بقضائه فقال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: ٣٩] (٣).

٤ - أن الله تعالى قال: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، ولو كان الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي سائغًا لما كان هناك حاجة إلى إرسال الرسل، لأنهم إنما أرسلوا لأجل إقامة الحجة على الناس (٤).

٥ - أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أمر الصحابة بالعمل، ونهاهم عن تركه اتكالًا على ما سبق به الكتاب، ففي الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة)، قالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال:


(١) منهاج السنة (٣/ ٥٥).
(٢) التمهيد (١٨/ ١٥).
(٣) انظر: منهاج السنة (٣/ ٥٩، ٥٦ - ٦٠)، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (٩٦)، وشفاء العليل (١/ ٥٠ - ٥١)، وتقريب التدمرية (٩٩).
(٤) انطر: تقريب التدمرية (١٠٠)، ولمعة الاعتقاد بشرح الشيخ محمد العثيمين (٩٤).

<<  <   >  >>