للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاء، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠)} [الليل: ٥ - ١٠]) (١).

٦ - "أن هذا المسلك لو صح لبطلت الديانات جملة، وكان القدر حجة لكل مشرك وكافر وظالم، ولم يبقَ للحدود معنى، ولا يلام جانٍ على جنايته ولا ظالم على ظلمه، ولا يُنكر منكر أبدًا" (٢).

٧ - أن القدر سر مكتوم، لا يعلمه أحد من الخلق إلا بعد وقوعه، فكيف يصح للعاصي أن يحتج به على معصيته، وهو قد فعلها مختارًا، لا يشعر أن أحدًا أكرهه عليها، ولا يعلم أنها مقدرة عليه؟ ! ولماذا لم يقدر أن الله تعالى لم يكتبها عليه فينتهي عنها ويجتنبها؟ ! (٣).

٨ - أنه لو ساغ الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي لساغ أن يحتج به إبليس ومن اتبعه من الجن والإنس، ويحتج به قوم نوح وعاد وثمود، وسائر أهل الكفر والفسوق والعصيان، ولم يعاقب أحد، وهذا مما يُعلم فساده بالاضطرار شرعًا وعقلًا (٤).

٩ - أن الاحتجاج بالقدر مخاصمة لله تعالى، واحتجاج من العبد على الرب، وحمل لذنبه على الأقدار، وهذا جهل بالله تعالى وحكمته في شرعه (٥).

١٠ - أن نفس المحتج بالقدر لو اعتدى عليه معتدٍ، أو جنى عليه


(١) متفق عليه: البخاري (٤/ ١٨٩١) ح (٤٦٦٦)، ومسلم (١٦/ ٤٣٤) ح (٢٦٤٧).
(٢) شفاء العليل (١/ ٥٠).
(٣) انظر: تقريب التدمرية (١٠٠).
(٤) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٨٥٨)، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (٩٧).
(٥) انظر: مدارج السالكين (١/ ٢٠٤).

<<  <   >  >>