للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)} [الزمر: ٣٥]، وهذا كثير في كتاب الله تعالى، ولا دليل على أن التكفير واجب بالعمل، بل الأدلة ناهضة بخلافه، كقوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} [النحل: ٦١]، وقوله: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: ٤٥] (١).

قال الإمام البربهاري (٢): "اعلم أنه لا يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله، ولا يعذب الله أحدًا إلا بقدر ذنوبه، ولو عذب أهل السموات والأرض، برهم وفاجرهم، عذبهم غير ظالم لهم" (٣).

وقال الإمام الصابوني (٤) في معرض بيان عقيدة أهل السنة والجماعة: "ويعتقدون ويشهدون أن أحدًا لا تجب له الجنة -وإن كان عمله حسنًا وطريقه مرضيًا- إلا أن يتفضل الله عليه، فيوجبها له بمنه وفضله، إذ عمل الخير الذي عمله لم يتيسر له إلا بتيسير الله عز اسمه، فلو لم ييسره له، ولو لم يهدِه لم يهتد له أبدًا، قال الله عز وجل: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: ٢١] " (٥).


(١) انظر: العواصم والقواصم (٧/ ٢٩٢).
(٢) هو شيخ الحنابلة في وقته، القدوة الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري، كان فقيهًا بالحق، داعية إلى الأثر، لا يخاف في الله لومة لائم، له مصنف مشهور في الاعتقاد، اسمه: شرح السنة، توفي رحمه الله تسع وعشرين وثلاثمائة (٣٢٩). [انظر: طبقات الحنابلة (٣/ ٣٦)، والسير (١٥/ ٩٠)، والعبر (٢/ ٣٣)، وشذرات الذهب (٢/ ٣١٩)].
(٣) شرح السنة (٣٥).
(٤) هو إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الشافعي الواعظ المفسر المصنف، أحد الأعلام وشيخ خراسان في زمانه جلس للوعظ وهو ابن عشر سنين، وكان إمامًا حافظًا عمدة مقدمًا في الوعظ والأدب وكان سيف السنة وأفعى أهل البدعة توفي رحمه الله سنة (٤٤٩ هـ). [انظر: السير (١٨/ ٤٠)، والعبر (٢/ ٢٩٤)، وشذرات الذهب (٤/ ٢٨٢)].
(٥) عقيدة السلف وأصحاب الحديث (٢٩٤ - ٢٩٥).

<<  <   >  >>