للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وردهم عليه، وتعجبهم من ذكر البعث، فقال: أنا أحق أن أسأل ما سأل إبراهيم، لعظيم ما جرى عليَّ من قومي، ولمعرفتي بتفضيل الله -عَزَّ وَجَلَّ- إياي على الأنبياء، ولكني لا أسأل" (١).

هذه هي أهم الأقوال -التي تنفي الشك عن إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-- في معنى الحديث.

وأما الآية، وهي قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]، فقد اختلف أصحاب هذا المسلك في معناها، أي: في سبب سؤال إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وطلبه من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى على عدة أقوال، أهمها:

١ - أنه سأل عن كيفية الإحياء، ليزداد بذلك إيمانًا ويقينًا، ويترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، وذلك عندما يرى كيفية الإحياء، ولم يكن بذلك شاكًا في القدرة، ولا جاهلًا بمعنى الإحياء، وعلى هذا القول جمهور أهل العلم (٢).

ويكون معنى قوله: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} أي: ليزداد إيمانًا مع إيمانه، ويقينًا مع يقينه.

قال ابن قتيبة: "تأويل قول إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} أي:


(١) كشف المشكل (٣/ ٣٥٨).
(٢) انظر: جامع البيان (٣/ ٤٩)، والمحرر الوجيز لابن عطية (٢/ ٣٠١، ٣٠٣)، والأسماء والصفات للبيهقي (٢/ ٤٨٨)، وشرح صحيح البخاري لابن بطال (٩/ ٥٢٥)، والفصل لابن حزم (٢/ ٢٩٢)، والمعلم للمازري (١/ ٢١٣)، و (٣/ ١٣٠)، ومعالم التنزيل للبغوي (١/ ٢٤٧، ٢٤٨)، وإكمال المعلم (١/ ٤٦٤)، والشفاء (٣١٠) كلاهما للقاضي عياض وكشف المشكل لابن الجوزي (٣/ ٣٥٨)، والجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٩٧، ٢٩٩)، وشرح النووي على مسلم (٢/ ٥٤٢ - ٥٤٣)، ومدارج السالكين (١/ ٥٠٧)، وفتح الباري (٦/ ٤١٣)، وفتح القدير (١/ ٢٨١)، وتيسير الكريم الرحمن (١/ ٣٢٣)، و (٢/ ٣٦٤)، ومنة المنعم لصفي الرحمن المباركفوري (١/ ١٣٣)، وتفسير القرآن الكريم للعثيمين (٣/ ٣٠٣).

<<  <   >  >>