للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، أراد أن يقيم عليهم الحجة في حبسهم إياه ظلمًا، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك أيضًا على سبيل التواضع، لا أنه كان في الأمر منه مبادرة وعجلة لو كان مكان يوسف.

والتواضع لا يصغِّر كبيرًا، ولا يضع رفيعًا، ولا يبطل لذي حق حقًا، ولكنه يوجب لصاحبه فضلًا، ويكسبه جلالًا وقدرًا" (١).

وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}، "يقول تعالى إخبارًا عن الملك لما رجعوا إليه بتعبير رؤياه التي رآها بما أعجبه وأيقنه، فعرف فضل يوسف -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وعلمه وحسن اطلاعه على رؤياه، وحسن أخلاقه على من ببلده من رعاياه، فقال: {ائْتُونِي بِهِ} أي: أخرجوه من السجن وأحضروه، فلما جاءه الرسول بذلك امتنع من الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة ساحته ونزاهة عرضه مما نسب إليه من جهة امرأة العزيز، وأن هذا السجن لم يكن على أمر يقتضيه، بل كان ظلمًا وعدوانًا، فقال: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} الآية، وقد وردت السنة بمدحه على ذلك، والتنبيه على فضله وشرفه وعلو قدره وصبره صلوات الله وسلامه عليه" (٢)، ثم ذكر هذا الحديث.

* * *


(١) شرح السنة (١/ ١١٦)، وانظر: معالم السنن (٢/ ٤٣٠).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٧٤٤).

<<  <   >  >>