للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر: "واختُلِف في السحر، فقيل: هو تخييل فقط ولا حقيقة له، وهذا اختيار أبي جعفر الإسترباذي (١) من الشافعية وأبي بكر الرازي من الحنفية وابن حزم الظاهري وطائفة" (٢).

وهؤلاء منهم من ردَّ الحديث أصلًا كالمعتزلة والجصاص (٣)، ومنهم من أثبته كابن حزم وغيره، لكنه نفى أن يكون السحر قد أثر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- (٤).

وقد استدلوا بأدلة عامة على نفي حقيقة السحر وأثره، وأدلة خاصة على نفي السحر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإليك أهم هذه الأدلة، مبتدئًا بالأدلة العامة ثم الخاصة.

١ - قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: ١٠٢]، حيث نفى حصول الضرر بالسحر إلا بإذنه، مما يدل على أنه ليس له تأثير في نفسه وذاته، وليس المعنى: أن السحر قد يضر وقد لا يضر، بل المعنى أنه لا يضر منه إلا ما كان بإيصال أشياء ضارة بطبعها، ومباشَرَةِ بدن المسحور بها (٥).

٢ - قوله تعالى: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: ٦٦]، وقوله: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: ١١٦]، وقوله: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: ٦٩].

وقول عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي حين سُحر: كان يُخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله.


(١) هكذا ذكره الحافظ، وقد تقدم أن النووي والقرطبي ذكراه بلفظ: الإسترابادي، وكنياه بأبي إسحاق.
(٢) فتح الباري (١٠/ ٢٢٢).
(٣) انظر: أحكام القرآن له (١/ ٤٩).
(٤) انظر: الفصل (٣/ ١٧٢)، وتفسير التحرير والتنوير (١/ ٦٣٤)
(٥) انظر: الكشاف (١/ ٣٠٦)، وبدائع الفوائد (٢/ ٣٦٦)، وتفسير التحرير والتنوير (١/ ٦٤٥).

<<  <   >  >>