للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعمدتهم في تأثر النبي -صلى الله عليه وسلم- ومرضه بسبب السحر حديث عائشة -رضي الله عنها- -المتقدم- قالت: سَحَرَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ من بني زُرَيق، يقال له: لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: (يا عائشة، أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال في مُشْطٍ ومُشَاطةٍ وجفِّ طَلعِ نخلةٍ ذكرِ، قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذروان)، فأتاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ناس من أصحابه، فجاء فقال: (يا عائشة، كأن ماءها نُقَاعةُ الحِنَّاء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين)، قلت: يا رسول الله أفلا استخرجته؟ قال: (قد عافاني الله، فكرهت أن أثوِّرَ على الناس فيه شرًا) فأمر بها فدفنت.

قال القرطبي: "وقول عائشة -رضي الله عنها-: (سحر رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يهوديٌّ)، هذا الحديث يدل على أن السحر موجود، وأن له أثرًا في المسحور، وقد دل على ذلك مواضع كثيرة من الكتاب والسنة، بحيث يحصل بذلك القطع بأن السحر حق، وأنه موجود" (١).

وقال الشنقيطي: "في هذا الحديث الصحيح أن تأثير السحر فيه -صلى الله عليه وسلم- سبب له المرض، بدليل قوله: (أما الله فقد شفاني)، وفي بعض الروايات الثابتة في صحيح البخاري وغيره بلفظ: فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، أي: مسحور، وهو صريح بأن السحر سبب له وجعًا" (٢).

وقال الخطابي: "السحر ثابت، وحقيقته موجودة، وقد اتفق أكثر


= لمحمد عبد الرزاق حمزة (٢٦٩)، وفتاوى اللجنة الدائمة (١/ ٥٦٩).
(١) المفهم (٥/ ٥٦٨).
(٢) أضواء البيان (٤/ ٥٠٦).

<<  <   >  >>