للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلل، تجوز عليه -يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم-- كأنواع الأمراض مما لا يُنكَر، ولا يَقدح في نبوته -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وأما ما ورد أنه كان يُخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله، فليس في هذا ما يُدخل عليه داخلةً في شيء من تبليغه أو شريعته، أو يقدح في صدقه، لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما يجوز طروؤه عليه في أمر دنياه، التي لم يبعث بسببها ولا فُضِّل من أجلها، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يُخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له، ثم ينجلي عنه كما كان" (١).

وقال القرطبي: "الأنبياء من البشر، فيجوز عليهم من الأمراض والآلام والغضب والضجر والعجز والسحر والعين وغير ذلك ما يجوز على البشر، لكنهم معصومون عما يناقض دلالة المعجزة من معرفة الله تعالى، والصدق، والعصمة عن الغلط في التبليغ، وعن هذا المعنى عبَّر الله تعالى بقوله: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف: ١١٠]، من حيث البشرية: يجوز عليهم ما يجوز عليهم، ومن حيث الخاصة النبوية: امتاز عنهم، وهو الذي شهد له العلي الأعلى بأن بصره ما زاغ وما طغى، وبأن فؤاده ما كذب ما رأى، وبأن قوله وحي يُوحى، وأنه ما ينطق عن الهوى" (٢).

* * *


(١) الشفاء (٣٧٨).
(٢) المفهم (٥/ ٥٧٠).

<<  <   >  >>