للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (٨) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩)} الآيات [الصافات: ٦ - ٩]، وقد جاءت الأخبار عن العرب باستغراب رميها وإنكاره، إذ لم يعهدوه قبل مبعثه عليه السلام، وكان أحد دلائل نبوته، وعلامات مبعثه، وما ذكر في الحديث من إنكار الشياطين لها يدل عليه" (١).

٢ - كما استدلوا بما رواه الترمذي وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعًا، فأما الكلمة فتكون حقًا، وأما ما زادوه فيكون باطلًا، فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مُنِعُوا مقاعدهم، فذكروا ذلك لإبليس، ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس: ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض، فبعث جنوده، فوجدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائمًا يصلي بين جبلين، أُرَاهُ قال: بمكةَ، فلقوه فأخبروه، فقال: هذا الذي حدث في الأرض (٢).

٣ - أن الشعراء في القديم لم يذكروا الرمي بالشهب في أشعارهم، فلم يشبهوا الشيء السريع به، كما شبهوه بالبرق وبالسيل، وغيرهما (٣).

قال الزجاج: "الشهب -الكواكب المنقضة- من آيات الله للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والدليل على أنها كانت انقضت بعد مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن شعراء العرب الذين يمثِّلون في السرعة بالبرق وبالسيل وبالأشياء المسرعة، لم يوجد في أشعارها بيت واحد فيه ذكرُ الكواكب المنقضَّة، فلما حدثت بعد مولد النبي عليه السلام، استعملت الشعراء ذكرها، قال ذو الرمة (٤):


(١) إكمال المعلم (٢/ ٣٦٤).
(٢) أخرجه الترمذي (تحفة ٩/ ٢٤٣) ح (٣٣٨٠)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في السنن الكبرى (١٠/ ٣١٥) ح (١١٥٦٢)، وأحمد (٤/ ١٦٠) ح (٢٤٨٢)، وقال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (تحفة ٨/ ٥٨٥) ح (٦٢٥٨)، والطبراني في الكبير (١٢/ ٣٧) ح (١٢٤٣١).
(٣) انظر: كشف المشكل (٢/ ٣٦٩)، والجامع لأحكام القرآن (١٠/ ١٢)، وشرح النووي على مسلم (٤/ ٤١٢).
(٤) هو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي، من مضر أبو الحارث ذو الرمة، =

<<  <   >  >>