للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يكن إلا بعد مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- (١).

واستدل هؤلاء بما يلي:

١ - حديث ابن عباس -المتقدم- قال: انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- في طائفة من أصحابه، عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأُرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء، وأُرسلت علينا الشهب، قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو بنخلة، عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء.

قال القاضي عياض: "وقوله في حديث ابن عباس: (وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب) ظاهر في أن هذا لم يكن قبل مبعثه عليه السلام، لإنكار الشياطين له، وطلبهم سببه، ولهذا كانت الكهانة فاشية في العرب، ومرجوعًا إليها في حكمهم، وسرِّ علمهم، حتى قُطع سببها بأن حيل بين الشياطين وبين استراق السمع، كما قال تعالى في سورة الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} [الجن: ٨، ٩]، وقوله: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)} [الشعراء: ٢١٢]، وقوله: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: ٥]، وقوله: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧) لَا يَسَّمَّعُونَ


= عن أبيه وعن العباس والزبير وعائشة وغيرهم من الصحابة -رضي الله عنهم-، توفي سنة تسع وتسعين (٩٩). [انظر: السير (٤/ ٥٤١)، والعبر (١/ ٨٨)، وشذرات الذهب (١/ ١١٦)].
(١) انظر: معاني القرآن له (٣/ ١٧٦)، والمحرر الوجيز (١٠/ ١١٧)، وكشف المشكل (٢/ ٣٦٩)، والجامع لأحكام القرآن (١٠/ ١٢)، وفتح القدير (٣/ ١٢٦).

<<  <   >  >>