للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالضرورة أولياؤه وأعداؤه، وموافقوه ومخالفوه، فإن مخالفيه لم يشكوا في أنه أفصح الخلق، وأقدرهم على حسن التعبير بما يطابق المعنى، ويخلصه من اللبس والإشكال ... وقد وصف الله رسله بكمال النصح والبيان، فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤]، وأخبر عن رسله بأنهم أنصح الناس لأممهم، فمع النصح والبيان والمعرفة التامة" (١)، يمتنع غاية الامتناع أن يريدوا بكلامهم خلاف ظاهره وحقيقته، وعدم البيان.

وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة وكذا العقل على وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها، وأنه هو الحق الذي يوافق مراد الله ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-:

فمن أدلة الكتاب:

- قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: ٨٩]، وقوله: {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: ١١١]، وقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١٥].

فوصف الله تعالى كتابه بأوضح البيان وأحسن التفسير، وأنه هدىً ورحمة ونور، وهذا يقتضي أن يكون ظاهره مطابقًا لمراده، وإلَّا لم يكن كذلك.

- وقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)} [الشعراء: ١٩٣ - ١٩٥]، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)} [يوسف: ٢].

"وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي، إلَّا أن يمنع منه دليل شرعي" (٢).


(١) الصواعق المرسلة (١/ ٣٢٥) من كلام الشيخ عبد الله بن تيمية.
(٢) القواعد المثلى للشيخ محمد العثيمين (٣٣)، وانظر: تقريب التدمرية له (٥٥).

<<  <   >  >>