للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: ٣٤]؟ وإن كان لم يحضر، فكيف جاء الملك لقبض روحه؟ (١).

فالجواب: أن أجل موسى لم يكن قد حضر، فلم يُبعث إليه ملك الموت في المرة الأولى لكي يقبض روحه، وإنما بُعث إليه اختبارًا وابتلاءً، وليس أمرًا يريد الله عز وجل إمضاءه، وإنما هو كأمره خليله إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه ابتلاءً وامتحانًا، فإنه عز وجل لم يُرد إمضاء الفعل، ولهذا لما عزم إبراهيم عليه السلام على ذبح ابنه، وتلَّه للجبين، فداه الله بالذبح العظيم.

ولو أراد الله تعالى قبض روح موسى حين لطم ملك الموت لكان ما أراد، كما قال تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)} [النحل: ٤٠].

وبهذا أجاب ابن خزيمة (٢) وابن حبان (٣) والخطابي (٤) والبغوي (٥) وابن الجوزي (٦) واستحسنه العراقي (٧).

وخلاصة الجواب: أن أجل موسى قد كان قرب حضوره، ولم يبق منه إلا مقدار ما دار بينه وبين ملك الموت من المراجعتين، فأُمر بقبض روحه أولًا، مع سبق علم الله أن ذلك لا يقع إلا بعد المراجعة، والله أعلم (٨).


(١) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٣٢٢)، وطرح التثريب (٣/ ٣٠٠).
(٢) انظر: طرح التثريب (٣/ ٣٠١)، والفتح (٦/ ٤٤٢).
(٣) انظر: صحيح ابن حبان (١٤/ ١١٤).
(٤) انظر: أعلام الحديث (١/ ٦٩٨).
(٥) انظر: شرح السنة (٥/ ٢٦٧).
(٦) انظر: كشف المشكل (٣/ ٤٤٥).
(٧) انظر: طرح التثريب (٣/ ٣٠١).
(٨) انظر: فتح الباري (٦/ ٤٤٣).

<<  <   >  >>