للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبيضاء: الحجة الظاهرة القوية التي لا لبس فيها ولا اشتباه (١).

- وقوله أيضًا عليه الصلاة والسلام، كما في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: (قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تُسألون عني فما أنتم قائلون؟ ) قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: (أللهم اشهد، أللهم اشهد) ثلاث مرات (٢).

فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أنه تركنا على المحجة البيضاء الواضحة البينة، التي لا لَبْسَ فيها ولا اشتباه، ظاهرها وباطنها سواء.

والصحابة رضوان الله عليهم قد شهدوا له بأنه قد بلَّغ وأدَّى ونصح، وهذا يعني: أن ظاهر كلامه مطابق لمراده، لأن هذا مقتضى البلاغ، وحسن الأداء، وكمال النصح.

"وأما العقل: فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمراده من غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين، فوجب قبوله على ظاهره، وإلَّا لاختلفت الآراء، وتفرقت الأمة" (٣).

وقد تواردت عبارات أهل العلم على بيان هذه القاعدة والتأكيد عليها، ومن ذلك:

قول الشافعي رَحِمَهُ الله: "كل كلام كان عامًا ظاهرًا في سنة رسول الله فهو على ظهوره وعمومه، حتى يُعْلَمَ حديث ثابت عن رسول الله -بأبي هو وأمي- يدل على أنه إنما أُريد بالجملة العامة في الظاهر بعض الجملة دون بعض" (٤).


(١) انظر: لسان العرب (٧/ ١٢٤) مادة (بيض)، والمعجم الوسيط (١/ ٧٩).
(٢) أخرجه مسلم (٨/ ٤٢٠) ح (١٢١٨).
(٣) القواعد المثلى (٣٣).
(٤) الرسالة (٣٤١).

<<  <   >  >>