للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه لا تجوز الإمامة إلا في قريش" (١).

وقال ابن الجوزي عند الحديث المتقدم: "اعلم أن هذا إنما هو في العمال والأمراء دون الأئمة والخلفاء، فإن الخلافة لقريش، لا مدخل فيها للحبشة، لقوله عليه السلام: (لا يزال هذا الأمر فى قريش)، وإنما للأئمة تولية من يرون، فتجب طاعة ولاتهم" (٢).

القول الثانى: أن هذا من باب ضرب المثل، للمبالغة في الأمر بالطاعة، وإن كان لا يُتصور شرعًا أن يلى العبد ذلك، وقد يُضرب المثل بما لا يقع في الوجود، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من بنى لله مسجدًا، ولو كمَفْحَص (٣) قطاة، بنى الله له بيتًا في الجنة) (٤)، فإن قدر مفحص القطاة لا يصلح لمسجد.

ذكر هذا الخطابي (٥)، وابن رجب (٦)، وغيرهما (٧)، واختاره القرطبي (٨).

قال الشنقيطي: "ويشبه هذا الوجه قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ


(١) نقل ذلك عنه ابن بطال في شرح صحيح البخاري (٨/ ٢١٥)، وانظر: الفتح (١٣/ ١٢٢).
(٢) كشف المشكل (٣/ ٢٩٢)، وانظر: الفتح (٢/ ١٨٧).
(٣) أي: موضعها الذي تجثم وتبيض فيه، وسمي مَفْحَصًا، لأنها لا تجثم حتى تفحص عنه التراب، وتصير إلى موضع مستوٍ، والفحص: الطلب والبحث. [انظر: المجموع المغيث (٢/ ٥٩٨)، والنهاية (٣/ ٤١٥)].
(٤) أخرجه من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-: ابن حبان في صحيحه (٤/ ٤٩٠، ٤٩١) ح (١٦١٠، ١٦١١)، وأبو داود الطيالسي في مسنده، موقوفًا (١/ ٣٦٩) ح (٤٦٣)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (تحفة ١/ ٤٥٤) ح (٤٤٢).
(٥) انظر: معالم السنن (٤/ ٢٧٨).
(٦) انظر: فتح الباري (٦/ ١٧٩)، وجامع العلوم والحكم (٢/ ١٢٠).
(٧) انظر: الفتح (١٣/ ١٢٢)، وإرشاد الساري (١٥/ ٩٢)، وأضواء البيان (١/ ٥٦).
(٨) انظر: المفهم (٤/ ٣٤).

<<  <   >  >>