للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبد في الأحاديث السابقة إنما هو باعتبار اتصافه بذلك سابقًا، فإن هذا القول بعيد عن ظاهر الحديث، وليس عليه دليل يعضده، ثم إنه جواب عن شرط الحرية فقط، وأما شرط القرشية فيبقى دون جواب.

وأما حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- -المتقدم- في أنه سيكون ملك من قحطان، وكذا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه)، متفق عليه (١). فإنهما لا يعارضان كون الإمامة في قريش، لأنهما إخبار عن حال سيقع، وهذا لا يعني عدم استحقاق قريش لها، وقد يكون ذلك عند ضعف قريش عن إقامة الدين، لأن استحقاقهم للإمامة مقيد بذلك -كما تقدم- كما في حديث معاوية -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبَّه الله على وجهه، ما أقاموا الدين).

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أما بعد، يا معشر قريش، فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله، فإذا عصيتموه بعث إليكم من يَلْحَاكم (٢) كما يُلحى القضيب، لقضيب في يده، ثم لحا قضيبه فإذا هو أبيض يَصْلِد (٣)) (٤).

وعن أنس -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (الأئمة من قريش، ولهم


(١) تقدم تخريجه ص (٥٤٤) هامش (١).
(٢) قال في النهاية (٤/ ٢٣٥): "اللحت: القشر، ولحت العصا، إذا قشرها، ولحته: إذا أخذ ما عنده، ولم يدع له شيئًا".
(٣) أي: يبرُق ويَبِصُّ. [النهاية (٣/ ٤٦)].
(٤) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ١٧٦) ح (٤٣٨٠)، وابن أبي عاصم في السنة (٢/ ٥١٦) ح (١١١٩)، وأبو يعلى في مسنده (٨/ ٤٨٣) ح (٥٠٢٤)، وقال الهيثمي في المجمع: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح، ورجال أبي يعلى ثقات"، وقال أحمد شاكر: "إسناده صحيح"، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (٤/ ٦٩) ح (١٥٥٢) عن إسناد أحمد: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين".

<<  <   >  >>