للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليكم حق، ولكم مثل ذلك، ما إذا استُرْحِموا رحموا، وإذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) (١).

قال القسطلاني معلقًا على حديث عبد الله بن عمرو في خروج القحطاني وإنكار معاوية عليه بكون الخلافة في قريش: "ولا تناقض بين الحديثين، لأن خروج هذا القحطاني إنما يكون إذا لم تُقِم قريش الدين، فيُدال عليهم في آخر الزمان، واستحقاق قريش الخلافة لا يمنع وجودها في غيرهم، فحديث عبد الله في خروج القحطاني حكاية عن الواقع، وحديث معاوية في الاستحقاق، وهو مقيد بإقامة الدين" (٢).

وقد يقال: إن خروج هذا القحطاني وملكه إنما يكون بطريق التغلب والقوة، لا بطريق الاختيار، وربما دلَّ على هذا قوله في الحديث: (يسوق الناس بعصاه).

قال ابن العربي عن حديث أبي هريرة في خروج القحطاني: هذا إنذار من النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يكون من الشر في آخر الزمان، من تسوّر العامة على منازل أهل الاستقامة، ولا يعارض هذا ما ثبت من أن الأئمة من قريش، لأنه ليس خبرًا عمَّا ينبغي (٣).

وقد ذكر البخاري حديث أبي هريرة -المتقدم- في خروج القحطاني تحت باب: "تغير الزمان حتى تعبد الأوثان".


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢٠/ ٢٤٩) خ (١٢٩٠٠)، و (١٩/ ٣١٨) ح (١٢٣٠٧)، والطبراني في الأوسط (٦/ ٣٥٧) ح (٦٦١٠)، والبزار (كشف ٢/ ٢٢٨) ح (١٥٧٩) إلا أنه قال: "الملك في قريش"، والبيهقي في سننه (٨/ ١٤٤)، وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ١٩٢): رجال أحمد رجال ثقات. وصححه الألباني كما في الإرواء (٢/ ٢٩٨) ح (٥٢٠)، وتخريج السنة لابن أبي عاصم (٢/ ٥١٧) ح (١١٢٠).
(٢) إرشاد الساري (٨/ ١١)، وانظر: تعليق الألباني على حديث ابن مسعود المتقدم، في السلسلة الصحيحة (٤/ ٧٠).
(٣) انظر: عارضة الأحوذي (٩/ ٥٣)، والفتح (١٣/ ٧٨).

<<  <   >  >>