ورجح هذا -أيضًا- الألباني حيث قال: "اعلم أن المراد بأهل الغرب في هذا الحديث: أهل الشام، لأنهم يقعون في الجهة الغربية الشمالية بالنسبة للمدينة المنورة، التي فيها نطق عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث الشريف". [السلسلة الصحيحة (٢/ ٦٩٠)]. قال ابن حجر في الفتح (١٣/ ٢٩٥) بعد ذكره لهذه الأقوال: "قلت: ويمكن الجمع بين الأخبار: بأن المراد قوم يكونون ببيت المقدس، وهي شامية، ويسقون بالدلو، وتكون لهم قوة في جهاد العدو وحدة وجد". وذكر القول الأخير -وهو أن المراد بهم أهل الشام- سليمان بن عبد الله عن أكثر الشارحين، ثم ذكر عن الطبري ما يدل على أن هذه الطائفة لا يجب أن تكون بالشام أو ببيت المقدس دائمًا إلى أن يقاتلوا الدجال، بل قد تكون في موضع آخر في بعض الأزمنة، ثم قال: وهذا هو الحق، ويشهد له الواقع، فإن حال أهل الشام منذ أزمنة طويلة لا يعرف فيهم من قام بهذا الأمر، وعلى هذا فقوله في الحديث: (هم ببيت المقدس)، وقول معاذ: "هم بالشام" المراد به أنهم يكونون كذلك في بعض الأزمان دون بعض. [انظر: التيسير (٣٨١)]. وتابعه على هذا عبد الرحمن بن حسن، كما في فتح المجيد (٣١٣)، وقال: "فهذه الطائفة قد تجتمع وقد تفترق، وقد تكون في الشام وقد تكون في غيره"، ومثله ابن عثيمين كما في القول المفيد (١/ ٤٩٥)، وشرح العقيدة الواسطية (٢/ ٣٧٨). وهو ما ذهب إليه النووي حيث قال في شرحه على مسلم (١٣/ ٧١): "ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض". قلت: ويؤيده أن أكثر الروايات جاءت مطلقة، ليس فيها تحديد مكان معيَّن لهذه الطائفة، وقد يكون المراد بذكر الشام في بعض الأحاديث، الإشارة إلى مكانها في آخر الزمان، حيث يقاتلون الدجال هناك مع عيسى عليه السلام، فقد روى عمران بن حصين -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال) [أخرجه أبو داود =