الساعة وهم أحياء) من قبيل العموم الذي يراد به الخصوص، ومعناه: أن الساعة تقوم في الأكثر والأغلب على شرار الناس.
فالجواب عنه: أن هذا العموم قد جاء ما يؤيده، كما في رواية مسلم:(لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)(١)، فواضح في هذه الرواية حصر قيام الساعة على الأشرار.
ومما يؤيد هذا ما تقدم ذكره قريبًا من الأحاديث التي فيها أن الله تعالى يرسل في آخر الزمان ريحًا باردة طيبة، فلا تدع أحدًا في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته، ويبقى بعدهم شرار الناس، وعليهم تقوم الساعة.
وأما القول الثالث -وهو ما ذهب إليه الطبري- من أن هذه الأحاديث خرجت مخرج العموم، والمراد بها الخصوص، فتنزل على أنها في موضع دون موضع.
فالجواب عنه كالجواب عن القول السابق، فلا حاجة إلى إخراج العموم عن مدلوله، وقد جاءت النصوص صريحة بكون الريح التي يرسلها الله بين يدي الساعة تأخذ كل مؤمن ومؤمنة، فلا يبقى بعدهم إلا شرار الناس وعليهم تقوم الساعة، فقد تقدم في حديث النواس بن سمعان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عن المؤمنين الذين يكونون مع عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان:(فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحًا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة).
وقد جاء النص صريحًا في دفع هذا القول ورده، كما عند مسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(لا تقوم الساعة حتى لا يُقال في الأرض: الله الله)، فقوله:(الأرض) لفظ عام يشمل جميع الأرض، لا يخص موضعًا دون موضع، والله أعلم.