للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الذهبي: "قد صار الظاهر اليوم ظاهرين: أحدهما حق والثاني باطل:

فالحق أن يقول: إنه سميع بصير مريد متكلم حي عليم، كل شيء هالك إلا وجهه، خلق آدم بيده، وكلم موسى تكليمًا، واتخذ إبراهيم خليلًا، وأمثال ذلك، فنُمِرُّهُ على ما جاء، ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى، ولا نقول: له تأويل يخالف ذلك.

والظاهر الآخر، وهو الباطل والضلال: أن تعتقد قياس الغائب على الشاهد، وتمثل الباري بخلقه -تعالى الله عن ذلك- بل صفاته كذاته، فلا عِدْل له، ولا ضد له، ولا نظير له، ولا مثل له، ولا شبيه له، وليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته" (١).

وقال ابن أبي العز (٢): "يجب أن يعلم أن المعنى الفاسد الكفري ليس هو ظاهر النص ولا مقتضاه، وأن من فهم ذلك منه، فهو لقصور فَهْمِهِ، ونقص علمه" (٣).

وعلى هذا، فإن من قال: إن ظاهر النصوص غير مراد، فقد أخطأ على كل تقدير، لأنه إن فهم من ظاهرها معنىً فاسدًا فقد أخطأ في فَهْمِهِ، وأصاب في قوله: (غير مراد) وإن فهم من ظاهرها معنى صحيحًا، فقد أصاب في فهمه، وأخطأ في قوله: (غير مراد) (٤).


(١) سير أعلام النبلاء (١٩/ ٤٤٩).
(٢) هو علي بن علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الدمشقي، الفقيه الماهر، درس وأفتى، وتولى القضاء بدمشق ثم بالديار المصرية ثم بدمشق، وامتحن بسبب اعتراضه على قصيدة لابن أيبك الدمشقي، توفي رَحِمَهُ اللهُ سنة (٧٩٢ هـ) له مؤلفات منها: شرح العقيدة الطحاوية، وكتاب الاتباع [انظر: شذرات الذهب (٦/ ٣٢٦)، والأعلام (٤/ ٣١٣)، ومعجم المؤلفين (٢/ ٤٨٠)].
(٣) شرح العقيدة الطحاوية (٢٥٦).
(٤) انظر: تقريب التدمرية (٥٧).

<<  <   >  >>