للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "وبالجملة فالتأويل الذي يوافق ما دلت عليه النصوص، وجاءت به السنة ويطابقها هو التأويل الصحيح، والتأويل الذي يخالف ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة هو التأويل الفاسد، ولا فرق بين باب الخبر والأمر في ذلك، وكل تأويل وافق ما جاء به الرسول فهو المقبول، وما خالفه فهو المردود" (١).

والثاني: لمَّا حدث في عرف المتأخرين القول بنفي الظاهر عن كثير من نصوص الكتاب والسنة -خاصةً ما يتعلق منها بالصفات- صار لفظ (الظاهر) فيه إجمالًا واشتراكًا، فهو في لسان السلف -وهو ما تقدم بيانه- غيره في عرف المتأخرين، مما يقتضي التفصيل فيه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلفظة (الظاهر) قد صارت مشتركة، فإن الظاهر في الفطر السليمة، واللسان العربي، والدين القيم، ولسان السلف، غير الظاهر في عرف كثير من المتأخرين" (٢).

وقال أيضًا موضحًا ذلك فيما يتعلق بالصفات: "لفظ (الظاهر) فيه إجمال واشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين، أو ما هو من خصائصهم، فلا ريب أن هذا غير مراد.

ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرًا، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفرًا وباطلًا، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر وضلال.

والذين يجعلون ظاهرها ذلك يغلطون من وجهين:

تارةً يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ، حتى يجعلوه محتاجًا إلى تأويل يخالف الظاهر، ولا يكون كذلك.

وتارةً يردون المعنى الحق الذي هو ظاهر اللفظ، لاعتقادهم أنه باطل" (٣).


(١) الصواعق المرسلة (١/ ١٨٧)، وانظر: شرح العقيدة الطحاوية (٢٥٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٣٣/ ١٧٥).
(٣) التدمرية (٦٩).

<<  <   >  >>