للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأقاليم، وقصر زمن المسافة بينها بسبب اختراع وسائل المواصلات المتنوعة -البرية والبحرية والجوية- حيث تُقطع المسافات البعيدة في الزمن القصير، ومثلها وسائل الاتصال الصوتية كالهاتف والإذاعة وغيرهما فإنها قربت البعيد.

وممن ذهب إلى هذا القول الشيخ ابن باز، والشيخ حمود التويجري، والشيخ محمد رشيد رضا (١)، وغيرهم (٢)، عليهم رحمة الله.

قال الشيخ ابن باز في تعليقه على الفتح: "الأقرب تفسير التقارب المذكور في الحديث بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم، وقصر زمان المسافة بينها، بسبب اختراع الطائرات والسيارات والإذاعة وما إلى ذلك، والله أعلم" (٣).

وقال الشيخ حمود التويجري: "والظاهر -والله أعلم بمراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-- أن ذلك إشارة إلى ما حدث في زماننا من المراكب الأرضية والجوية والآلات الكهربائية التي قربت كل بعيد، والمعنى على هذا: يتقارب أهل الزمان"، إلى أن قال بعد حديثه عن وسائل المواصلات: "وأعظم من ذلك الآلات الكهربائية التي تنقل الأصوات، كالإذاعات والتلفونات الهوائية، فإنها قد بهرت العقول في تقريب الأبعاد، بحيث كان الذي في أقصى المشرق يخاطب مَن في أقصى المغرب كما يخاطب الرجل جليسه، وبحيث كان الجالس عند الراديو يسمع كلام مَن في أقصى المشرق، ومَن في أقصى المغرب، ومَن في أقصى الجنوب، ومَن في أقصى الشمال، وغير ذلك من


(١) هو محمد رشيد بن علي رضا بن محمد القلموني -نسبة إلى قلمون من أعمال الشام- البغدادي الأصل، الحسيني النسب، صاحب مجلة المنار، وأحد رجال الدعوة والإصلاح، له عناية بالحديث والتفسير والأدب والتاريخ، لازم الشيخ محمد عبده وتتلمذ عليه، له مؤلفات منها: تفسير المنار، والوحي المحمدي، توفي سنة (١٣٥٤). [انظر: الأعلام (٦/ ١٢٦)، ومعجم المؤلفين (٣/ ٢٩٣)].
(٢) انظر: منة المنعم (٤/ ٢٢٩).
(٣) الفتح (٢/ ٥٢٢).

<<  <   >  >>