للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصرح به الذهبي حيث قال: "انفرد طلحة بأوله، وأما آخره فجاء من غير وجه" (١).

الوجه الثاني: تضعيفه من جهة سنده، حيث قالوا: تفرد به طلحة بن يحيى، وهو متكلم فيه، فمثله لا يحتمل منه التفرد.

والحاصل: أن الحديث إن ثبت ضعفه فلا إشكال، وإن قيل بصحته فتوجيهه ما تقدم، والله تعالى أعلم.

وأما القول الأول: وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المؤمنين في الجنة، فالجواب عنه: أن هذا يحتاج إلى دليل يدل عليه، ولا سبيل إليه. والله أعلم.

وأما القول الثاني: وهو القول بوجوب التوقف فيهم، فهو معارض بما تقدم ذكره من الأدلة الكثيرة على أن أطفال المؤمنين في الجنة، ولهذا قال ابن كثير عن هذا القول: إنه غريب جدًا (٢).

وأما أدلتهم فالجواب عنها كما يلي:

أما حديث عائشة -رضي الله عنها- في وفاة صبي من الأنصار، فقد تقدم الجواب عنه.

وأما استدلالهم بحديث ابن مسعود -وما في معناه- على أن السعادة والشقاوة أمران مقدران على العباد وهم في بطون أمهاتهم، ولا سبيل إلى العلم بذلك، فوجب التوقف، فالجواب عنه: أن هذا حق لا شك فيه، لكن موتهم في حال الصغر يدل على أنهم لم يكتبوا في بطون أمهاتهم أشقياء، وإنما هم ممن جرى القلم بسعادتهم (٣).

قال ابن عبد البر بعد أن ساق الأدلة على أن أطفال المؤمنين في


(١) ميزان الاعتدال (٣/ ٤٧٠).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم (٣/ ٥٤).
(٣) انظر: الاعتقاد للبيهقي (٩٠، ٩١)، والتذكرة (٢/ ٣٢٩)، وأحكام أهل الذمة (٢/ ١٠٧٢ - ١٠٧٣).

<<  <   >  >>