للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتأمل لكلام الإمام أحمد وغيره يجد أنه يضعف الحديث من وجهين:

الأول: نكارة أوله، وهو التصريح بإنكار النبي -صلى الله عليه وسلم- واستدراكه على عائشة، حيث قال: (أو غير ذلك يا عائشة؟ ) بعد قولها: طوبى له عصفور من عصافير الجنة.

ولهذا قال الإمام أحمد: "هو يرجى لأبويه كيف يشك فيه؟ إنما اختلفوا في أولاد المشركين" (١)، فيرى الإمام أحمد أن هذا الحديث يعارض ما حكي الإجماع عليه، واقتضته الأدلة الكثيرة من كون أطفال المؤمنين في الجنة.

ويلاحظ أن موضع النكارة هذه ليس موجودًا في رواية فضيل بن عمرو (٢)، حيث رواه بلفظ: قالت عائشة -رضي الله عنها-: توفي صبي، فقلت: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أولا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلًا ولهذه أهلًا).

ولعل هذا هو ما أشار إليه العقيلي (٣) حين قال تعليقًا على رواية طلحة: "آخر الحديث فيه رواية من حديث الناس، وأوله لا يحفظ إلا من هذا الوجه" (٤).


= وفي السند أيضًا: يحيى بن إسحاق، لم أجد له -بعد البحث- ترجمة، وقد قال محقق مسند أبي داود الطيالسي الدكتور محمد التركي في تعليقه على هذا الحديث: "ويحيى بن إسحاق لم أعرفه، وقد يكون مقلوبًا من إسحاق بن يحيى بن طلحة، وقد روى عن عمته عائشة بنت طلحة، وهو متكلم فيه".
(١) أهل الملل (١/ ٦٨)، وقد تقدم ص (٦٤٦).
(٢) قال محقق كتاب المنتخب من العلل: طارق بن عوض الله: "الفقيمي ثقة -يعني: فضيل بن عمرو- وليس في روايته ما يُستنكر، بل فيه ما يفيد إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة على قولها، ولعله لذلك قدم مسلم روايته على رواية طلحة في الباب، وجعل رواية طلحة في آخر الباب" المنتخب (٥٥).
(٣) هو الحافظ الناقد أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحجازي، مصنف كتاب الضعفاء، ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ، توفي سنة ثنتين وعشرين وثلاثمائة (٣٢٢). [نظر: السير (١٥/ ٢٣٦)، وتذكرة الحفاظ (٣/ ٨٣٣)، وشذرات الذهب (٢/ ٢٩٥)].
(٤) الضعفاء الكبير (٢/ ٢٢٧).

<<  <   >  >>