للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أُصَيْحَابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تَرِدُ عليَّ أمتي الحوضَ، وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله)، قالوا: يا نبي الله أتعرفنا؟ قال: (نعم، لكم سيما ليست لأحد غيركم، تردون عليَّ غرًا (١) محجلين (٢) من آثار الوضوء، ولَيُصَدَّنَّ عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي، فيجيبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ )، رواه مسلم (٣).

وعنه -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى المقبرة فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا)، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: (أنتم أصحابي وإخواننا، الذين لم يأتوا بعد)، فقالوا: كيف تعرف من لم يأتِ بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: (أرأيت لو أن رجلًا له خيل غرٌّ محجلة بين ظهري خيل دُهْمٍ بُهْمٍ، ألا يعرف خيله؟ ) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (فإنهم يأتون غرًا محجلين من


(١) الغُرَّة: بياض الوجه، يريد بياض وجوههم [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (٢٧٩، ٣٢٧)، والمجموع المغيث (٢/ ٥٥١)، والنهاية (٣/ ٣٥٤)].
(٢) أي: بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام، والتحجيل في الأصل: بياض في يدي الفرس ورجليها. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (٣٢٧)، والمجموع المغيث (١/ ٤٠٦)، والنهاية (١/ ٣٤٦)، وشرح النووي على مسلم (٣/ ١٣٧ - ١٣٨)].
(٣) صحيح مسلم: كتاب الطهارة، باب: استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (٣/ ١٣٩) ح (٢٤٧)، وانظر: صحيح البخاري: (٥/ ٢٤٠٧) ح (٦٢١٣)، (٦٢١٥).

<<  <   >  >>