للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام، وبناءً عليه فلا يقطع لهؤلاء الذين يُذَادُون بالنار، بل يجوز أن يذادوا عقوبةً لهم ثم يرحمهم الله تعالى فيدخلهم الجنة بغير عذاب.

وإلى هذا ذهب الخطابي وابن بطال (١)، وابن عبد البر وغيرهم (٢).

قال الخطابي: "وقوله: (ما زالوا مرتدين على أعقابهم) لم يُرِدْ به الردة عن الإسلام، ولذلك قيده بقوله: على أعقابهم -وإنما يعقل من الارتداد: الكفر، إذا أُطلق من غير تقييد- ومعناه: التخلف عن بعض الحقوق الواجبة والتأخر عنها، كقولك: نكص فلان على عقبيه، وقولك: ارتد على عقبيه، إذا تراجع إلى وراء، ولم يرتد بحمد الله ومنِّه أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنما ارتد قوم من جفاة الأعراب الذين كانوا دخلوا في الإسلام رغبةً ورهبةً، كعيينة بن حصن جيء به أبا بكر أسيرًا، وبالأشعث بن قيس، فلم يقتلهما ولم يسترقَّهما، فعاودا الإسلام بعد" (٣).

وقال ابن عبد البر: "كل من أحدث في الدين ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض، المبعدين عنه -والله أعلم- وأشدهم طردًا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم، مثل: الخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم يبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجَور والظلم، وتطميس الحق، وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر، المُسْتَخِفُّون بالمعاصي، وجميع أهل الزيغ والبدع، كل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا عُنُوا بهذا الخبر" (٤).


(١) انظر: شرح صحيح البخاري (١٠/ ٦).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٢/ ٥٢)، والتذكرة (١/ ٤٦٤)، والجامع لأحكام القرآن (٤/ ١٦٨)، وشرح النووي على مسلم (٣/ ١٣٩)، والاعتصام (١/ ١٠٦ - ١٠٨)، والفتح (١١/ ٣٨٥، ٣٨٦)، ولوامع الأنوار (٢/ ١٩٧، ٢٠٠).
(٣) أعلام الحديث (٣/ ١٥٣٦).
(٤) التمهيد (٢٠/ ٢٦٢).

<<  <   >  >>