للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى هذا ذهب القرطبي وجوَّزه البيهقي (١)، وهو ظاهر قول ابن أبي العز (٢).

قال القرطبي: "خيرات الكافر توزن ويجزى بها، إلا أن إلله تعالى حرم عليه الجنة، فجزاؤه أن يخفف عنه، بدليل حديث أبي طالب" (٣).

واستدل هؤلاء بما يلي (٤):

١ - قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)} [الأنبياء: ٤٧]، فقالوا: إن الآية تشمل الكافر حيث لم يفصل الله تعالى بين نفس ونفس.

٢ - حديث أبي طالب، حيث نفعه إحسانه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في تخفيف العذاب عنه، فكان كل ذي خيرات وإحسان من الكفار مثله في هذا.

٣ - ما رواه البخاري في صحيحه عن عروة بن الزبير أنه قال: "ثُويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما مات أبو لهب أُريه بعض أهله بشرِّ حيبة (٥)، قال له: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم غير أني سُقيت في هذه (٦) بعتاقتي ثويبة" (٧).

وأجابوا عن أدلة القول الأول من الآيات والأحاديث، بأن المراد: أنه لا يكون لحسنات الكافر موقع التخلص من النار والإدخال في الجنة،


(١) انظر: البعث والنشور (٦٢).
(٢) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (٢٨٩).
(٣) التذكرة (٢/ ١٥).
(٤) انظر: المنهاج (١/ ٣٩٠)، والجامع لشعب الإيمان (٢/ ٥٩)، والبعث (٦٣)، والتذكرة (٢/ ١٥).
(٥) "أي: سوء حال" الفتح (٩/ ١٤٥).
(٦) جاء في بعض الروايات: "وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع" انظر: الفتح (٩/ ١٤٥).
(٧) صحيح البخاري (٥/ ١٩٦١) ح (٤٨١٣).

<<  <   >  >>